طورت دراسة دولية بقيادة فرق بحثية من أستراليا، الصين، اليابان، سنغافورة، والهند مادة نانوية جديدة تعتمد على أكسيد الغرافين المدعم بالكالسيوم، قادرة على استخلاص مياه الشرب النظيفة من بخار الماء في الهواء بكفاءة عالية، مقدمة حلًا مبتكرًا لمشكلة نقص المياه العالمية.

قاد الدراسة مركز ARC للتميز في علوم وابتكارات الكربون (ARC COE-CSI)، بقيادة الأستاذ الدكتور راكيش جوشي من جامعة نيو ساوث ويلز والبروفيسور كوستيا نوفوسيلوف، الحائز على جائزة نوبل من جامعة سنغافورة الوطنية. وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، يفتقر حوالي 2.2 مليار شخص إلى مياه شرب آمنة، بينما يمثل الماء المعلق في الغلاف الجوي للأرض، والذي يبلغ حوالي 1300 تريليون لتر (ما يعادل 2600 مرفأ سيدني)، مصدرًا محتملاً هامًا للمياه العذبة. استنادًا إلى هذه الخلفية، عمل الفريق على تطوير تقنية لاستخلاص مياه الشرب مباشرة من الهواء.
يكمن الابتكار الأساسي للمادة النانوية الجديدة في إدخال أيونات الكالسيوم في أكسيد الغرافين. أكسيد الغرافين عبارة عن مادة كربونية ذات طبقة ذرية واحدة، تتميز بقدرة امتصاص جيدة بعد تهيئتها بمجموعات وظيفية تحتوي على الأكسجين. اكتشف الفريق أن إدخال أيونات الكالسيوم بين طبقات ذرات الأكسجين في أكسيد الغرافين يعزز بشكل كبير قدرة المادة على امتصاص الماء. أظهرت التجارب أن كمية الماء الممتص بواسطة أكسيد الغرافين بمفرده هي X، وكمية الماء الممتص بواسطة الكالسيوم بمفرده هي Y، بينما كمية الماء الممتص بواسطة أكسيد الغرافين المدعم بالكالسيوم تفوق بكثير مجموع X+Y، مما يظهر تأثيرًا تآزريًا بمعادلة "1+1>2". أوضح المؤلف الأول للورقة البحثية، شياوجون رين من جامعة نيو ساوث ويلز، أن هذا التأثير التآزري ينتج عن طريقة تنسيق الكالسيوم مع الأكسجين التي تغير قوة الروابط الهيدروجينية بين الماء والكالسيوم، مما يجعل الروابط الهيدروجينية أقوى، وبالتالي يعزز قدرة امتصاص الماء بشكل كبير.
لتحسين الأداء، حول الفريق أكسيد الغرافين المدعم بالكالسيوم إلى شكل هلام هوائي (airgel). الهلام الهوائي هو من أخف المواد الصلبة المعروفة، ويحتوي على مسام دقيقة من المستوى الميكروني إلى النانومتري، مما يزيد بشكل كبير من مساحة السطح، ويجعل سرعة امتصاص الماء أسرع من أكسيد الغرافين القياسي. كما يسهل الهيكل الإسفنجي للهلام الهوائي عملية إطلاق الماء، حيث يتطلب الأمر فقط تسخين النظام إلى حوالي 50 درجة مئوية لإتمام عملية الامتصاص، مع استهلاك طاقة منخفض للغاية. أكدت الأستاذة داريا أندريفا، المؤلفة المشاركة في الورقة، أن هذا التصميم يجمع بين الكفاءة والاستدامة.
اعتمدت الدراسة أيضًا على محاكاة جزيئية باستخدام الحاسوب العملاق في البنية التحتية الوطنية للحوسبة في أستراليا (NCI)، مما كشف عن آلية التآزر بين الكالسيوم وأكسيد الغرافين. اكتشف فريق الحوسبة بقيادة البروفيسور أمير كارتون من جامعة نيو إنجلاند أن إدخال أيونات الكالسيوم لا يعزز الروابط الهيدروجينية فحسب، بل يحسن أيضًا مسارات امتصاص الماء على سطح المادة، مما يوفر أساسًا نظريًا لتصميم أنظمة أكثر كفاءة لتوليد الماء من الغلاف الجوي.
لا تزال التقنية في مرحلة البحث الأساسي، لكنها جذبت اهتمام الصناعة. يعمل الفريق حاليًا مع شركاء لتوسيع نطاق التقنية وتطوير أجهزة نموذجية لاختبارات ميدانية. أشار البروفيسور داي ليمينغ، مدير مركز COE-CSI، إلى أن الدراسة كشفت عن المبادئ العلمية الأساسية لعملية امتصاص الماء، خاصة دور الروابط الهيدروجينية، وستوفر هذه المعرفة حلولاً مستدامة للمياه العذبة لـ 2.2 مليار شخص يعانون من نقص المياه، مما يبرز القيمة الاجتماعية للتعاون البحثي الدولي.
نُشرت هذه النتائج في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، وهي نتيجة تعاون بين فرق بحثية من أستراليا، الصين، اليابان، سنغافورة، والهند، مما يجسد روح العلم بلا حدود. مع استمرار تطوير التقنية، من المتوقع أن تصبح المادة النانوية الجديدة أداة رئيسية لمواجهة أزمة الموارد المائية العالمية.














京公网安备 11010802043282号