التآكل في الصلب هو عملية تدهور الحديد وسبائكه تحت تأثير عوامل بيئية تآكلية مثل الرطوبة والأكسجين والمواد الكيميائية، وحتى الكائنات الحية الدقيقة، ويظهر خارجيًا عادةً كطبقة صدأ فضفاضة، مما يسرع التآكل ويسبب أضرارًا إضافية. يمكن التخفيف من مشكلات مقاومة الطقس التقليدية باستخدام طلاءات الدهان أو المثبطات، لكن التآكل البيولوجي أكثر خطورة بسبب خفيته، خاصة في البيئات المائية، حيث تشكل البكتيريا والفطريات والطحالب أغشية بيولوجية على الأسطح المعدنية، وتطلق مركبات حمضية "تأكل" المعدن، مما يؤدي إلى أضرار سريعة ولا رجعة فيها للهياكل تحت الماء والأنابيب والخزانات.

طور علماء من جامعة بيرم التقنية طريقة مبتكرة لتثبيط تآكل الصلب، قادرة على معالجة مشكلة التدهور البيولوجي بشكل شامل بكفاءة تصل إلى 95%، وقد نُشرت مقالة ذات صلة في وقائع مؤتمر Chemistry, Ecology, Urban Studies.
تُعد بكتيريا الحديد أحد العوامل الرئيسية للتآكل البيولوجي. لدراستها، أخذ باحثو جامعة بيرم التقنية عينات موسمية من مياه الأنهار في نوفمبر وفبراير وسبتمبر، مستخدمين وسائط زراعة خاصة لتحفيز نمو الكائنات الحية الدقيقة للحصول على عدد كافٍ من البكتيريا للتجارب، وحللوا الأنماط الموسمية لتأثيرها على الأسطح المعدنية. تقول تاتيانا سوكولوفا، الأستاذة المشاركة في قسم الكيمياء والبيولوجيا: "بإضافة مؤشرات لونية إلى السلالات المعزولة، يمكن تحديد بنية جدار الخلية الميكروبية تحت المجهر، مما يتيح التعرف على الأنواع."
تتميز بكتيريا الحديد بكفاءة عالية في تدهور المعادن، حيث يمكنها تحويل 60% إلى 77% من الحديد في المحلول إلى صدأ، وكانت الثقافات في سبتمبر الأكثر نشاطًا، ويرجع ذلك إلى تنشيط عمليات التمثيل الغذائي في الأشهر الدافئة بسبب ظروف درجة الحرارة المناسبة. لاختبار تأثير الكائنات الحية الدقيقة على تدهور الصلب في بيئات واقعية، وضع الباحثون عينات معدنية في ماء مقطر نظيف، وأضافوا بكتيريا الحديد المختارة كمعلق (10 مل لكل عينة)، بينما وُضعت عينات معدنية أخرى في نفس الماء دون إضافة كائنات حية دقيقة، وتُركت جميع الحاويات مفتوحة لمدة 28 يومًا. أظهرت التجربة أن سلالات بكتيريا الحديد المعزولة يمكن أن تُضاعف سرعة تآكل الصلب تقريبًا، لأنها تمتص أيونات المعدن الذائبة، وتؤكسدها إلى صدأ، وتنتج أحماضًا تسرع التآكل.
لمواجهة هذا التأثير المدمر، اختبر الباحثون عاملين مضادين للبكتيريا: نتريت الصوديوم والبوراكس. أظهر نتريت الصوديوم نشاطًا مضادًا للتآكل عند تركيز 0.05%، بمعدل حماية يتراوح بين 87-91%؛ وكان البوراكس فعالًا من تركيز 0.3%، بمعدل حماية يصل إلى 88%. عند الجمع بينهما (0.1% بوراكس ونتريت الصوديوم بتركيزات من 0.05 إلى 1%)، وصل معدل الحماية إلى 94-95%. توضح تاتيانا سوكولوفا أن نتريت الصوديوم، رغم قدرته على تشكيل طبقة واقية على سطح المعدن، لا يقتل البكتيريا؛ أما البوراكس النقي فيتطلب تركيزات عالية (0.3% فأكثر) ليكون فعالًا، وهو ضار بالبيئة. استخدام جرعات منخفضة من المادتين معًا يوفر أقصى درجات الحماية مع الحد الأدنى من التعرض الكيميائي، مما يجعله أكثر صداقة للبيئة واقتصادية.
تُعد هذه الطريقة حاسمة لحماية الأصول الرئيسية مثل الأنابيب والخزانات والمنشآت الهيدروليكية، حيث يمكنها تشكيل طبقات واقية وإزالة عوامل التدهور البيولوجي في الوقت نفسه، وهي مهمة بشكل خاص للعمليات طويلة الأمد ذات الصيانة المنخفضة، حيث توفر حماية موثوقة دون الحاجة إلى تدخل مستمر.















京公网安备 11010802043282号