استلهم فريق علماء دولي من سلوك الخفافيش والحيتان والحشرات في استخدام الإشارات الصوتية للتواصل والملاحة، ونجح في محاكاة مجموعات من الروبوتات الدقيقة. تعتمد هذه الروبوتات على الموجات الصوتية لتنسيق تحركاتها، مكونة مجموعات كبيرة تُظهر سلوكاً شبيهاً بالذكاء، ونُشرت نتائج البحث في مجلة Physical Review X.

قال البروفيسور إيغور أرينسون، أستاذ كرسي هارك في جامعة ولاية بنسلفانيا وقائد الفريق: إن هذه المجموعات الروبوتية قد تؤدي في المستقبل مهام معقدة مثل استكشاف مناطق الكوارث، وتنظيف الملوثات، أو حتى إجراء عمليات طبية داخل جسم الإنسان. وأشار إلى أسراب النحل أو الذباب كمثال، موضحاً أن هذه الروبوتات تستطيع، مثلها، الحفاظ على تماسكها عبر الصوت، بحيث يعمل العديد من الأفراد ككيان واحد.
تتمتع مجموعات الروبوتات الدقيقة بمزايا فريدة. بفضل قدرتها على إصدار الأصوات ذاتياً، تستطيع التنقل في المساحات الضيقة، وإعادة تشكيل نفسها بعد التشوه. وقد تُستخدم ذكاؤها الجماعي مستقبلاً لتنظيف الملوثات في البيئات الملوثة. داخل جسم الإنسان، يمكنها توصيل الأدوية بدقة إلى المناطق المصابة، وتتمتع بقدرة استشعار جماعي لتغيرات البيئة المحيطة، بالإضافة إلى خاصية "الشفاء الذاتي" التي تتيح لها الاستمرار ككيان واحد حتى بعد التفكك، مما يجعلها واعدة في تطبيقات كشف التهديدات وأجهزة الاستشعار.
أكد أرينسون أن هذا البحث خطوة مهمة نحو صنع روبوتات دقيقة أكثر ذكاءً ومرونة وعملية وأقل تعقيداً، وأن الرؤى المستخلصة حاسمة لتصميم الجيل القادم من الروبوتات الدقيقة القادرة على أداء مهام معقدة في بيئات صعبة والاستجابة للإشارات الخارجية.
لإجراء البحث، طور الفريق نموذجاً حاسوبياً يتتبع حركة الروبوتات الدقيقة، حيث يحمل كل روبوت مُصدراً وكاشفاً للموجات الصوتية. اكتشف البحث أن التواصل الصوتي يتيح للروبوتات التعاون بسلاسة، وتعديل شكلها وسلوكها حسب البيئة، تماماً كأسراب الأسماك أو الطيور.
أوضح أرينسون أن الروبوتات في الورقة هي وكلاء حوسبيون في نموذج نظري، لكن الذكاء الجماعي الملاحظ من المحتمل أن يظهر في الدراسات التجريبية ذات التصميم نفسه. والمفاجئ أن هذه الروبوتات البسيطة المزودة بمحركات وميكروفونات دقيقة ومكبرات صوت ومذبذبات، أظهرت ذكاءً جماعياً. فهي قادرة على مزامنة مذبذباتها مع تردد الحقل الصوتي للمجموعة، والهجرة نحو اتجاه الإشارة الأقوى.
يُعد هذا الاكتشاف معلماً جديداً في مجال "المادة النشطة" الناشئ. يدرس هذا المجال السلوك الجماعي للكائنات الحية الدقيقة ذاتية الحركة والوسائط الاصطناعية، وأظهر البحث لأول مرة أن الموجات الصوتية يمكن أن تكون وسيلة للتحكم في الروبوتات الدقيقة. سابقاً، كانت الجزيئات في المادة النشطة تُتحكم بشكل أساسي عبر الإشارات الكيميائية، بينما تتفوق الموجات الصوتية في التواصل بسرعة أكبر ومسافة أبعد وفقدان طاقة أقل، وتصميم أبسط، مما يتيح للروبوتات "سماع" بعضها و"إيجاد" بعضها بفعالية، لتحقيق التنظيم الذاتي الجماعي.















京公网安备 11010802043282号