تُعيد الأتمتة تشكيل ملامح إنتاج السيارات بسرعة غير مسبوقة. كانت العاملة في شركة General Motors، آني إيغناتزاك (Annie Ignatczak)، تقضي سنواتها في ورشة مصنع للأسمنت تُكرّر تركيب القطع يدويًا، أما اليوم وبفضل ارتفاع مستوى الأتمتة في المصنع، فقد تحولت -عبر برنامج التدريب المهني في مركز Warren Technical Center التابع لـ General Motors- إلى فنية صيانة روبوتات محترفة.

يؤكد مصنّعو السيارات الكبار مثل General Motors وFord Motor Company وStellantis NV أن الروبوتات تُحسّن السلامة المهنية وبيئة العمل وجودة المنتج النهائي. لكن الخبراء يشيرون إلى أن الميزة الأكبر الحقيقية للروبوتات هي خفض تكاليف العمالة، وهو ما يؤدي حتمًا إلى تقليص الوظائف البشرية. يقول دان هيرش (Dan Hearsch)، الرئيس المشارك العالمي لقسم السيارات والصناعات في شركة الاستشارات AlixPartners:
«بسبب ارتفاع تكلفة عمالة التجميع، سنشهد المزيد والمزيد من التطبيقات الآلية، خاصة في المصانع الأمريكية الجديدة حيث قد تصل تكلفة العمالة إلى 5-7 أضعاف ما هي عليه في دول أخرى».
أعلنت Ford الشهر الماضي استثمار ملياري دولار في مصنع التجميع في لويسفيل لإنتاج شاحنة بيك-أب كهربائية جديدة كليًا. سيصبح هذا المصنع الأعلى أتمتة على مستوى العالم، ويحتوي على ثلاثة خطوط تجميع فرعية مدمجة مع الروبوتات والذكاء الاصطناعي، مما سيقلل عدد محطات العمل بنحو 40% وعدد العمال بمقدار 600 شخص تقريبًا، لكن الشركة ستوفر لهم فرص عمل في مصنع آخر.
أما Hyundai Motor Company فتستخدم أكثر من 1000 روبوت ومركبة موجهة آليًا (AGV) في مصنع السيارات الكهربائية الجديد في ولاية جورجيا، وتخطط لإنشاء مركز ابتكار روبوتات جديد في الولايات المتحدة.
وتستخدم General Motors الروبوتات للمهام المتكررة والشاقة، كما دمجت الأتمتة في مراحل تطوير المنتج وفحص العيوب.
يقول وينستون ليونغ (Winston Leung)، مدير تحالفات الاستراتيجية العليا في شركة QNX المتخصصة في برمجيات السيارات والروبوتات:
«في المستقبل، ستظهر مساحات عمل مشتركة أكبر بين الروبوتات والبشر، وسيكون الروبوت أكثر مرونة وقدرة على العمل التعاوني في بيئات أقل تنظيمًا».
ويصف جيف بيرنشتاين (Jeff Burnstein)، رئيس جمعية Advanced Automation Association (A2)، خطوط تجميع السيارات بأنها «الحدود الأخيرة للأتمتة»، لكن الحلول الجديدة مثل أذرع الروبوت التعاونية الصغيرة والآمنة (cobots) والروبوتات البشرية الشكل (humanoid robots) بدأت تظهر، وبعض مصنّعي السيارات يجربون بالفعل الروبوتات البشرية داخل مصانعهم.
وكشفت دراسة أجرتها QNX أن مدراء تنفيذيين في صناعة السيارات حول العالم يتوقعون أن تحل الأتمتة محل 23% من القوى العاملة في المتوسط خلال العقد القادم، وأن مستوى راحتهم وثقتهم في استخدام الروبوتات أعلى من أي قطاع آخر.
لكن بيرنشتاين يرى أن مصنع سيارات مئة بالمئة آلياً أمر «يصعب تصوره» لأن هناك مهام لا تزال تحتاج إلى إشراف وتنفيذ بشري.
وفقًا لبيانات الاتحاد الدولي للروبوتات (IFR) وجمعية Advanced Automation Association، ارتفع تركيب الروبوتات لدى مصنّعي السيارات الأمريكيين بنسبة 11% العام الماضي، واشترى مصنّعو السيارات وموردوهم في أمريكا الشمالية نحو 9000 روبوت في النصف الأول من هذا العام، أي ما يقارب نصف إجمالي مشتريات الروبوتات عبر كل القطاعات.
لكن المحللين ومدراء الشركات يقولون إن عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية في عهد الرئيس دونالد ترامب وتراجع استثمارات السيارات الكهربائية أبطأ نمو سوق الروبوتات مؤقتًا.
من الناحية النظرية، التعريفات الأعلى ستدفع شركات السيارات إلى نقل المزيد من التصنيع إلى أمريكا وبناء مصانع أكثر أتمتة، لكن الشركات لا تزال تنتظر وضوح السياسات.
على المدى الطويل، تتطلع شركات الروبوتات المتخصصة في السيارات إلى الاستفادة من سياسات «إعادة التصنيع إلى أمريكا». ويتوقع إد ماركيزي (Ed Marchesi)، رئيس قطاع السيارات في ABB Robotics، أن تتضح الصورة لمصنّعي السيارات والموردين بنهاية هذا العام، مما سيدفع مبيعات الروبوتات إلى الارتفاع مجددًا.
في مواجهة هذه الموجة، نجحت عاملات وعمال في الخطوط الأمامية مثل آني إيغناتزاك في إعادة تأهيل أنفسهم وتحقيق التحول المهني. تقول إيغناتزاك:
«من المذهل رؤية المزيد من زملائي في الخطوط الأولى يتحولون إلى فنيين، الآن كل هذه الروبوتات تحتاج إلى صيانة دائمة… الوقت الحالي هو أفضل وقت لدخول مهنة فني الروبوتات».















京公网安备 11010802043282号