يلعب الماء دورًا حاسمًا في جميع مراحل إنتاج الغذاء، من الري ومعالجة الأغذية إلى غسل الفواكه والخضروات قبل الاستهلاك. يعتمد نمو المحاصيل والماشية على الماء. ومع ذلك، إذا تلوثت المياه بالمسببات المرضية أو المعادن الثقيلة أو المواد الكيميائية، فقد تصبح خطرًا على سلامة الغذاء عند دخولها إلى السلسلة الغذائية. على سبيل المثال، قد تنقل مياه الري الملوثة مسببات الأمراض مثل E. coli إلى الفواكه والخضروات، مما يؤدي إلى أعراض خطيرة مثل تشنجات المعدة، الإسهال، الغثيان، والحمى إذا استُهلكت نيئة دون تنظيف مناسب.

على مدى العشرين عامًا الماضية، ركز فريق بحثي من جامعة بريتوريا ومجلس أبحاث المياه في جنوب إفريقيا على دراسة المسببات المرضية البكتيرية في مصادر المياه. وبفضل خبرة تراكمية تمتد لنحو 40 عامًا، طوّر الفريق طرقًا للكشف عن جودة المياه المستخدمة في حصاد المنتجات الطازجة وقبل وبعد الحصاد، وحدّد بيئات التلوث المحتملة. يركز الفريق حاليًا على تتبع البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة في مياه جنوب إفريقيا، وتقييم تأثيرها على سلامة الغذاء، مع تحليل سلسلة التوريد الكاملة للمنتجات الطازجة، ودراسة تدوير الملوثات في إنتاج الخضروات ومياه الري الملوثة.

أشار الفريق إلى أن نقص المياه في المناطق الريفية في جنوب إفريقيا يدفع إلى جمع مياه الأمطار من الأسطح، لكن إذا لم تُنظَّف الخزانات بانتظام، تصبح المياه عرضة للتلوث الميكروبي، حيث توفر طبقة المخاط في حاويات التخزين بيئة خصبة لتكاثر الميكروبات. تحتوي مصادر المياه السطحية مثل الأنهار والسدود عادةً على كميات كبيرة من E. coli والبكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة، والتي يمكن أن تنتقل إلى الخضروات أثناء الري، مما يشكل خطرًا صحيًا عند تناول الخضروات دون تنظيف آمن. ومع ذلك، لا تتناول إرشادات جودة المياه الحالية في جنوب إفريقيا كشف البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة أو المسببات المرضية الناشئة، وتركز بشكل أساسي على الكائنات الحية المرتبطة بالفضلات مثل E. coli.

لحل هذه المشكلات، يرى الفريق أن على المزارعين والباحثين الأكاديميين والحكومة التعاون لوضع معايير جديدة لجودة المياه تعكس الظروف المحلية والتهديدات الناشئة، وهو أمر حاسم لحماية نظام الغذاء وضمان سلامة الغذاء. تؤثر الأنشطة العلوية، مثل تسرب مياه الصرف الصحي من أنظمة الصرف الصحي البلدية الفاشلة، على مصادر المياه المستخدمة في الري، مما يؤثر على الإنتاج الزراعي في المناطق الدنيا. يمكن للمسببات المرضية أن تلتصق بالنباتات وتبقى حية، وتتراكم خلال موسم واحد إلى مستويات تثير القلق على مستوى المزارع. يواجه المزارعون صغار الحجم، الذين يزوّدون الأسواق غير الرسمية بكميات كبيرة من المنتجات الطازجة، تحديات كبيرة في الحصول على مياه ري نظيفة.

حتى لو بدت المياه نظيفة، فقد تحتوي على ملوثات مخفية. لمنع ذلك، يجب توفير مياه آمنة تم اختبارها ومعالجتها، لكن مصادر المياه السطحية غالبًا هي الخيار الوحيد لري المحاصيل، وإنتاج الماشية، والاستخدام المنزلي، وكثير من هذه المصادر ملوثة بمياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة بشكل غير كافٍ. وجدت الأبحاث أن مياه الري التي يستخدمها المزارعون الصغار تنقل Salmonella وE. coli إلى التربة والمنتجات الطازجة.

توجد مخاطر أيضًا في مرحلة البيع بالتجزئة. تختلف سلامة الفواكه والخضروات في الأسواق غير الرسمية باختلاف الباعة وممارساتهم، مثل نقع السبانخ في مياه ملوثة للحفاظ على نضارتها. تم العثور على مسببات الأمراض البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية على نطاق واسع في المنتجات الطازجة في نقاط البيع، حيث توجد بكتيريا مقاومة للأدوية المتعددة محتملة التسبب في الأمراض طوال عملية إنتاج السبانخ. كما توجد تهديدات في المنازل، حيث تحتوي مياه الأمطار المجمعة من الأسطح على E. coli وEnterococcus، والتي يمكن أن تنتقل إلى الخضروات المروية بخزانات المياه.

يؤكد الفريق على الحاجة الملحة إلى بيانات في الوقت الفعلي وإرشادات جودة مياه مخصصة للحالات المحددة، لا تُظهر مستويات E. coli فحسب، بل تحدد التهديدات المحتملة مثل Salmonella ومجموعات E. coli المنتجة لسموم Shiga التي قد تسبب أمراضًا خطيرة. حاليًا، يتتبع الفريق مقاومة المضادات الحيوية في الأنهار، بهدف تحويل الأبحاث إلى إجراءات عملية لتعزيز الري الآمن، وتحسين ظروف النظافة، وتقليل مقاومة المضادات الحيوية، مما يحمي جنوب إفريقيا من مخاطر سلامة الغذاء.

في المناطق ذات جودة المياه الرديئة المعروفة، يجب إنشاء آليات مستمرة للمراقبة والاختبار، مع مراقبة الأغذية وأخذ عينات منها للتأكد من خلوها من المسببات المرضية. الماء ضروري للحياة، وتأمين موارد المياه يتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة، والعلماء، والمزارعين، والمجتمعات. بشكل عام، تحتاج جنوب إفريقيا إلى وضع سياسات شاملة لسلامة الغذاء والمشاركة في تنفيذ مؤسسات وأطر سلامة الغذاء على مستوى القارة الإفريقية لتحقيق تنظيم ومراقبة أكثر اتساقًا.