في مجال تصنيع المعدات المتطورة، يُعد مستشعر الضغط مكونًا أساسيًا في العديد من التطبيقات مثل الأجهزة الطبية، أنظمة التحكم الصناعية، تقنية الروبوتات، وواجهات الإنسان والآلة، وقد كان تحسين أدائه محور اهتمام الباحثين دائمًا. على الرغم من أن مستشعرات الضغط السليكونية المقاومة للضغط هي النوع الشائع، إلا أنها تعاني من قيود واضحة – صعوبة تحقيق حساسية عالية وعمل جيد في نطاقات ضغط متنوعة في الوقت نفسه، مما يجبر المستخدمين على الاختيار بين الاثنين.

أما الطبيعة – "المهندس العظيم" – فقد قدمت الحل من خلال ملايين السنين من التطور. استلهم وانغ بينغكون وفريقه من مختبر الوزارة الرئيسي للهندسة البيونيكية في جامعة جيلين الصينية من نظام الاستشعار الميكانيكي عالي الحساسية للعقرب، ونجحوا في تطوير مستشعر ضغط جديد. نُشر البحث ذو الصلة في مجلة Science Advances.

يعتمد العقرب على هياكل شعرية دقيقة على جسمه – تُعرف بـ trichobothria – لاستشعار التغيرات البيئية، حيث تلعب الخلايا العصبية الميكانيكية الحسية في الشقوق المسطحة على قشرته – المعروفة بـ slit sensilla – دورًا حاسمًا. قام الباحثون بمحاكاة هذه الهيكلة الفريدة للعقرب، وبنوا فخًا صغيرًا للإجهاد لمحاكاة الشق، وصمموا وحدة تثبيط الانحناء لمحاكاة الشعر. عند وضع فخ الإجهاد فوق رقاقة الحاسوب، يحسن بشكل كبير قدرة المستشعر على كشف الضغوط الدقيقة؛ أما وحدة تثبيط الانحناء في أسفل الرقاقة فتزيد من دقة المستشعر.

للتحقق من التأثير التطبيقي الفعلي للمستشعر، دمجه الباحثون مع شبكة تعلم عميق وثبتوه على روبوت سداسي الأرجل. هذه "الروبوتات العقربية" قادرة على محاكاة قدرة العقرب على استشعار البيئة، من خلال كشف التغيرات الدقيقة في ضغط الهواء المحيط لإدراك المناطق المحيطة. في الاختبارات، بمجرد أن يكتشف الروبوت اقتراب صندوق كرتوني يشبه "مفترسًا" كبيرًا، يهرب بسرعة، وفي الوقت نفسه يتحرك بسرعة نحو صندوق صغير يُعتبر "فريسة".

أفاد الباحثون بأن هذا العمل يبرز إمكانية استخدام مفاهيم التصميم الرئيسية المستوحاة من الحشرات الحية لتحسين أداء الاستشعار، مما يوفر رؤى هيكلية مفيدة لمستشعرات عالية الدقة أخرى.

تمثل هذه المستشعرات المستوحاة من العقرب خطوة مهمة نحو بناء روبوتات أكثر حدسًا وتكيفًا. في مجال الروبوتات، يمكنها تمكين الروبوتات الذكية من استشعار البيئة المحيطة بشكل أفضل، مما يعزز قدراتها على تجنب الاصطدام، ويجعلها تعمل بشكل طبيعي في بيئات محدودة الرؤية مثل الظلام أو الدخان أو الغبار. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع هذه التقنية بأهمية كبيرة في مجال مراقبة الصحة، حيث يمكنها كشف إشارات الضغط من الجسم بدقة أكبر، مثل نبضات القلب الضعيفة أو النبض. يجلب هذا الابتكار فرص تطوير واختراقات جديدة لمجال تصنيع المعدات المتطورة.