تخيل ثلاثة أبراج إيفل مكدسة فوق بعضها البعض، مع مبنى إضافي بارتفاع 40 طابقًا في الأعلى، هذا تقريبًا ارتفاع برج جدة عند اكتماله. سيتجاوز البرج ارتفاع 1000 متر، ليخترق أفق مدينة جدة، وعند اكتماله سيكون أطول بحوالي 180 مترًا من برج خليفة في دبي، وهو حاليًا أطول مبنى في العالم، ليكون جوهرة مشروع مدينة جدة الاقتصادية بقيمة 20 مليار دولار.

بدأ بناء البرج في عام 2018، وتوقف العمل لعدة سنوات، ثم استؤنف في يناير من هذا العام. حتى سبتمبر 2025، تم بناء 70 طابقًا، حيث يكتمل طابق كل أربعة أيام تقريبًا، مما يجعل هدف اكتمال المشروع في 2028 ممكنًا.
يواجه بناء مبنى بارتفاع ألف متر تحديات عديدة. يعتمد الأساس على نظام شبكي مختلط من الأعمدة، يتضمن 270 عمودًا بقطر يتراوح بين 1.5 و1.8 متر، ويمتد عمقها إلى 105 أمتار تحت الأرض، مع لوح أساسي بمساحة 3200 متر مربع، مصمم لتحمل الحمولات الكبيرة مع عدم تجاوز التسوية غير المتساوية لـ 2.5 ملم. على عكس ناطحات السحاب التقليدية، يعتمد برج جدة على هيكل أنبوب مركزي، محاط بهيكل ثلاثي العوارض يحيط بأنبوب مركزي سداسي عالي القوة من الخرسانة، باستخدام خرسانة بقوة 85 ميغاباسكال، مع تقنية نقل الخرسانة العمودية التي يمكن أن تصل إلى 800 متر. يتضمن المشروع تقنيات "خضراء" حديثة، مثل أنظمة توفير الطاقة، ونوافذ زجاجية تقلل من امتصاص الحرارة، وجمع مياه الأمطار لإعادة استخدامها، كما تم تهيئة شكل البرج واتجاهه لتقليل الحمل الحراري.
لفهم أسباب بناء السعودية لهذا البرج، يجب فهم "رؤية 2030". تسعى السعودية إلى تنويع اقتصادها قبل نضوب حقول النفط، وإنشاء مركز عالمي للتجارة الإلكترونية، والسياحة، والتبادل الثقافي. برج جدة ليس مجرد مبنى، بل منارة تعلن دخول البلاد مرحلة جديدة. سيضم البرج فندق فور سيزونز (من الطابق 19 إلى 27، بـ 200 غرفة تطل على إطلالات بانورامية للبحر الأحمر)، وشقق سكنية فاخرة، وشقق راقية، ومكاتب من الدرجة الأولى للشركات العالمية، مع منصة مراقبة بارتفاع 644 متر، وهي الأعلى في العالم، توفر رؤية بانورامية بزاوية 360 درجة قد تصبح نقطة جذب للتصوير.
ومع ذلك، يترك البرج بصمة بيئية ضخمة. يتطلب المشروع حوالي 500,000 متر مكعب من الخرسانة و80,000 طن من الفولاذ، وقد تنتج هذه المواد حوالي 200,000 طن من الانبعاثات الكربونية. يصفه دعاة حماية البيئة بـ"مبنى الغرور"، معتبرين أن مثل هذه المشاريع الضخمة تزيد من البصمة الكربونية دون عوائد وظيفية كافية. تواجه السعودية مفارقة في تحولها: تسعى لتشكيل صورة قائد عالمي حديث ومسؤول، لكن المشاريع الضخمة تتعرض لانتقادات. يبقى السؤال: هل يمكن للأهمية الرمزية والفوائد الاقتصادية أن تفوق التكاليف البيئية، أم أن هناك طرقًا لتحقيق أهداف مماثلة ببصمة كربونية أقل؟















京公网安备 11010802043282号